في جسمك خلايا دهنية بنية و بيضاء. هل تعرف الفرق بينها؟

يتجدد في شهر يناير من كل عام الحديث عن الدهون في مجلات الصحة واللياقة البدنية. وهذا العام، تبحث بوبيولار ساينس فيما وراء الارتباطات السلبية للمواد المغذية الكبرى (وهي مواد كيميائية يحتاجها الإنسان لكي يحيا وينمو): بماذا تفيد الدهون؟ وكيف نستخدمها كوسيلة للوصول إلى الفائدة المرجوة منها؟ وما الذي يحدث عند فقدانها؟

يفترض معظم الناس بأن كافة دهون الجسم متشابهة. إذ يجب أن تحتوي أجسامنا على بعض منها، ولكن ليس على الكثير. ومع دخولنا مرحلة البلوغ، فإنها تتوضع هناك لتخزين الطاقة (وتتراكم في المناطق التي لا نرغب بها). ولكن ذلك جزء فقط من حقيقة الدهون. ففي الواقع، لدينا نوعان مختلفان تماماً من الخلايا الدهنية: الدهون البنية والدهون البيضاء. وكما اتضح فإن الدهون البنية لها وظيفة مدهشة ومفيدة. إذ يمكنها حرق السعرات الحرارية لديك.

يعرف العلماء عن هذه الأنواع من الدهون منذ زمن طويل، ولكن أحد الاكتشافات في عام 2009 غيّر الفكرة التي نملكها عن وظيفتها. إذ تقوم الخلايا الدهنية البنية – على عكس البيضاء – بتوليد الحرارة للحفاظ على حرارة الجسم. وهذا الأمر مفيد وخصوصاً عند الأطفال الذين لا يمكنهم وقاية أنفسهم من البرودة الشديدة. ولهذا السبب، افترض العلماء منذ فترة طويلة بأن الأطفال فقط هم الذين يمتلكون تلك الخلايا. ولكن أظهرت سلسلة من الدراسات في عام 2009 والتي نشرت في نفس الوقت في دورية نيو انجلاند جورنال أوف ميديسن بأن البالغين لديهم بعض هذه الدهون أيضاً.

أثار هذا الاكتشاف إجراء المزيد من الأبحاث – والتي ما تزال جارية حالياً – حول مدى تأثير هذه الخلايا الدهنية البنية. وربما الأهم من ذلك، فيما إذا كان يمكن للمرء أن يزيد من كمية الخلايا الدهنية البنية من أجل إنقاص وزنه.

ما هي الدهون البنية؟ وما الذي يجعلها مختلفة عن الدهون الأخرى؟

يكمن الفرق الرئيسي بين الدهون البيضاء والبنية في لونها واسمها. ويتوضع في داخل الخلية الدهنية البيضاء قطرة واحدة كبيرة من الدهون والقليل جداً من غيرها من المكونات. تعطي هذه الترسبات الدهنية الخلية لونها المسؤول عن اسمها، وتؤدي إلى تخزين الطاقة وتوفير بطانة جيدة لأعضائنا الداخلية. كما أنها تنتج مجموعة كاملة من الهرمونات، مثل الاستروجين واللبتين (الذي ينظم الجوع)، وتحتوي على مستقبلات لهرمونات أخرى مثل الأنسولين.

ولكن تركيب الخلية الدهنية البنية مختلف تماماً. فبدلاً من قطرة ضخمة من الدهون، فإنها تحتوي على عدد قليل من قطرات الدهون الصغيرة وعدد كبير من الميتوكوندريا. وتحتوي هذه الخلايا النشطة على الحديد – مما يعطيها اللون البني الذي جاء منه اسمها –  والذي يغذيها لحرق قطرات الدهون الصغيرة. نعم، فلديك خلايا دهنية تحرق الدهون التي تتناولها. يا سلام!

هل يجب أن يكون لديّ خلايا دهنية بنية بكمية أكبر من الخلايا البيضاء؟

على الرغم من أن الخلايا الدهنية البيضاء قد لا تكون بروعة الخلايا التي تقوم بحرق الدهون، إلا أنها مهمة جداً. فإذا لم يكن لدينا أي دهون بيضاء، فسوف تكون أعضاؤنا الداخلية مكشوفة باستمرار ومعرضة للخطر. كما سنكون أيضاً غير قادرين على تنظيم العديد من الهرمونات، مما يؤثر على وظائف الجسم.

ولكن  الخلايا الدهنية البيضاء يمكن أن تتراكم بشكل مفرط أيضاً. ويحدث ذلك في كثير من الأحيان عندما نتناول سعرات حرارية بشكل أكبر مما نحرق. ويمكن أن تؤدي كثرة الدهون البيضاء إلى بعض الأمراض مثل السكري والبدانة. ومن ناحية أخرى، فإن الخلايا الدهنية البنية يمكنها حرق الدهون الموجودة داخلها، بحيث أنها تساعد على منع الدهون الزائدة من التراكم.

على مدى السنوات العديدة الماضية، حاول الباحثون معرفة فيما إذا كانت إضافة المزيد من الخلايا الدهنية البنية – أو زيادة معدل نموها – يمكنها علاج السمنة أو الوقاية منها. وإذا كان الأمر كذلك، فما هي كمية الدهون البنية الإضافية التي نحتاجها؟

كيف يمكنني الحصول على المزيد منها؟

لم يكتشف العلماء تماماً كل أسرار الدهون البنية، ولكن يبدو واضحاً بأن زيادة نشاطها في الجسم يمكن أن تكون مفيدة جداً. وهناك طريقتان لتعزيز مخزونك منها.

تصبح الدهون البنية أكثر نشاطاً في درجات الحرارة المنخفضة. إذ وجدت إحدى دراسات عام 2009 التي نشرت في دورية نيو انجلاند جورنال أوف ميديسن بأن المزيد من الدهون البنية تصبح نشطة عندما يجلس المرء في غرفة باردة تتراوح درجة حرارتها من 16 إلى 19 درجة مئوية. وبناءً على هذا البحث، فقد شملت دراسة في عام 2014 رجالاً بالغين ينامون في غرفة يتم فيها التحكم بدرجة الحرارة والتي قام الباحثون بتغييرها طوال فترة الدراسة. ووجدوا بأن النوم بدرجة حرارة 19 درجة مئوية لمدة شهر – على عكس درجة الحرارة السابقة لمدة أربعة أسابيع والتي بلغت 24 درجة مئوية – أدى تقريباً إلى تضاعف كمية الدهون البنية في أجسام أشخاص الدراسة. كما شهد المشاركون تحسناً في حساسيتهم للأنسولين. وخلص الباحثون إلى أن بعض الإجراءات البسيطة كخفض درجة الحرارة في الليل أو في المكتب حيث تعمل، يمكن أن تكون جيدة لصحتك.

وقد وجدت العديد من الدراسات الحديثة بأن ممارسة الرياضة يمكن أن تؤثر أيضاً على الدهون البنية، من خلال توليدها أو إثارة الخلايا الموجودة لحرق المزيد من الدهون. بل قد يؤدي النشاط البدني إلى تحوّل بعض الخلايا الدهنية البيضاء إلى بنية. فممارسة التمارين الرياضية المعتدلة بانتظام هو وسيلة مضمونة للحفاظ على عمل الخلايا الدهنية بالشكل الذي يفيدك. كما يعمل العلماء بجدّ لمعرفة ما هي الأمور الأخرى التي تفيدنا بها الدهون البنية وكيف يمكننا زيادتها. وفي هذا الشهر، وصف الباحثون في دورية سمول ميثودز رقعة طبية لتقديم الأدوية والتي يعتقد بأنها تزيد إنتاج الدهون البنية.

وفي حين انتظارنا للعلماء وهم يحاولون معرفة كيفية زيادة الدهون البنية في أجسامنا، فمن المهم أن نتذكر بأن نحافظ على مستويات صحية من الدهون البيضاء أيضاً. الأمر الأساسي هو ممارسة الرياضة بانتظام والحدّ من التوتر وتناول نظام غذائي متوازن والذي يتضمن كمية كبيرة من الألياف. فالنوم مع نافذة مفتوحة قليلاً في الشتاء قد يزيد قليلاً من حرق الدهون، ولكن الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية كل صباح له فائدة أكثر بكثير.

المصدر:POPULAR SCIENCE

Comments

comments